فصل: في الْأَمَةِ تَجْنِي جِنَايَةً ثُمَّ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا فَتَحْمِلُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة (نسخة منقحة)



.في جِنَايَةِ أُمِّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ أُمَّ وَلَدِ الذِّمِّيِّ إذَا جَنَتْ، مَا الْقَوْلُ فيهَا؟
قَالَ: أَرَى أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْتَكَّهَا بِقِيمَتِهَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا الَّذِي هُوَ أَدْنَى، فَإِنْ أَبَى أَسْلَمَهَا بِجِنَايَتِهَا، وَكَانَتْ أَمَةً لِلَّذِي أُسْلِمَتْ إلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا لَمْ أَمْنَعْهُ مِنْ بَيْعِهَا.
قُلْت: وَتَكُونُ رَقِيقًا لِلَّذِي أُسْلِمَتْ إلَيْهِ وَلِلَّذِي اشْتَرَاهَا مِنْ الذِّمِّيِّ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: وَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَتْ لَهُ مِلْكًا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا.

.في دَيْنِ أُمِّ الْوَلَدِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَذِنَ لِأُمِّ وَلَدِهِ في التِّجَارَةِ، فَتَجِرَتْ فَلَحِقَهَا دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهَا، أَيَكُونُ ذَلِكَ عَلَى السَّيِّدِ أَمْ في ذِمَّتِهَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ في التِّجَارَةِ، مَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ في تِجَارَتِهِ تِلْكَ إنَّ ذَلِكَ في ذِمَّتِهِ لَيْسَ في رَقَبَتِهِ، فَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ.

.في الْقَوَدِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ:

وَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ، وَلَا تُقَادُ الْأَمَةُ مِنْ الْحُرَّةِ، وَلَا يُقَادُ الْحُرُّ مَنْ الْعَبْدِ، وَلَا الْحُرَّةُ مِنْ الْأَمَةِ، إلَّا أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدُ الْحُرَّ فيقْتَلَ بِهِ إنْ شَاءَ وُلَاةُ الْحُرِّ.
وَإِنْ اسْتَحْيَوْهُ فَسَيِّدُهُ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَسْلَمَهُ وَإِنْ شَاءَ فَدَاهُ بِالدِّيَةِ ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: لَا قَوَدَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ في شَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ الْحُرَّ عَمْدًا قُتِلَ بِهِ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: وَلَا يُقَادُ حُرٌّ مِنْ عَبْدٍ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ.
وَأَيُّهُمَا قَتَلَ صَاحِبَهُ قَتْلَ حِرَابَةٍ أَوْ تَلَصُّصٍ أَوْ قَطْعِ سَبِيلٍ - قُتِلَ بِهِ، كَانَ أَمْرُ ذَلِكَ عَلَى مَنْزِلَةِ الْحِرَابَةِ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْت لِعَطَاءٍ: الْعَبْدُ يَشُجُّ الْحُرَّ أَوْ يَفْقَأُ عَيْنَهُ فيرِيدُ الْحُرُّ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ الْعَبْدِ؟
قَالَ: لَا يَسْتَقِيدُ حُرٌّ مِنْ عَبْدٍ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ ذَلِكَ مُجَاهِدٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّهُ لَا يُقَادُ مِنْ الْعَبْدِ في شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَقْتُلَهُ الْعَبْدُ فيقْتَلَ بِهِ.
قَالَ: وَلَا يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ في شَيْءٍ مِنْ الْجِرَاحَاتِ.
الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَضَى: أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ قِصَاصٌ في الْجِرَاحِ.
وَإِنَّ الْعَبْدَ مَالٌ فَعَقْلُ الْعَبْدِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ وَجِرَاحُهُ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ، وَإِذَا جَرَحَ الْحُرُّ الْعَبْدَ انْتَظَرَ بِهِ حَتَّى يَبْرَأَ، فيقَوَّمَ وَهُوَ صَحِيحٌ، وَيُقَوَّمَ وَهُوَ مَجْرُوحٌ، فيرُدَّ الْجَارِحُ عَلَى صَاحِبِهِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ رَقَبَتِهِ.
يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: أَمَّا الْحُرُّ فَإِنَّهُ لَا يُقَادُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَقْتُلَ الْعَبْدَ فيقْتَلَ بِهِ، وَلَا يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ في شَيْءٍ.
وَمَا جَرَحَ الْعَبْدُ الْحُرَّ مِنْ جُرْحٍ، فَإِنَّ فيهِ الْعَقْلَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ لَيْسَ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ سِوَى رَقَبَةِ عَبْدِهِ شَيْءٌ، وَإِنْ جَرَحَ الْعَبْدُ الْعَبْدَ خَطَأً، فَإِنَّ عَلَيْهِ الْعَقْلَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يُحِيطَ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْجَارِحِ.
فَإِنْ قَتَلَهُ عَمْدًا فَإِنَّا لَا نَعْلَمُ إلَّا أَنَّ سَيِّدَ الْمَقْتُولِ يَقْتُلُ الْقَاتِلَ إنْ شَاءَ إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَ هُوَ وَسَادَةُ الْعَبْدِ عَلَى مَا رَضُوا بِهِ كُلُّهُمْ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَلَا يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ وَيُقَادُ الْحُرُّ مِنْ الْعَبْدِ في الْقَتْلِ، وَلَا يُقَادُ الْحُرُّ مِنْ الْعَبْدِ في الْجِرَاحِ وَلَا يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْحُرِّ في الْجِرَاحِ.
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حَسَنٌ أَنَّ أَمَةً عَضَّتْ أُصْبُعَ مَوْلًى لِبَنِي أَبِي زَيْدٍ فَضَمُرَتْ فَمَاتَ، وَاعْتَرَفَتْ الْجَارِيَةُ بِعَضَّتِهَا إيَّاهُ.
فَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِأَنْ يَحْلِفَ بَنُو أَبِي زَيْدٍ خَمْسِينَ يَمِينًا تُرَدَّدُ عَلَيْهِمْ لَمَاتَ مِنْ عَضَّتِهَا، ثُمَّ الْأَمَةُ لَهُمْ، وَإِلَّا فَلَا حَقَّ لَهُمْ إنْ أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا.

.في الْأَمَةِ تَجْنِي جِنَايَةً ثُمَّ يَطَؤُهَا سَيِّدُهَا فَتَحْمِلُ بَعْدَ الْجِنَايَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ أَمَةً جَنَتْ ثُمَّ وَطِئَهَا سَيِّدُهَا فَحَمَلَتْ، وَلَا مَالَ لَهُ أَوْ لَهُ مَالٌ، عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ؟
قَالَ: إنْ لَمْ يَعْلَمْ كَانَ عَلَى سَيِّدِهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ دِيَةُ الْجُرْحِ.
فَإِنْ عَلِمَ، وَكَانَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ دِيَةُ الْجِرَاحِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ إلَى الْمَجْرُوحِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ في وَلَدِهَا شَيْءٌ، لِأَنَّهَا لَوْ وَلَدَتْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا بَعْدَمَا جَرَحَتْ لَمْ يَتْبَعْهَا وَلَدُهَا في دِيَةِ الْجُرْحِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمَجْرُوحِ في الْوَلَدِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ.
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ في وَلَدِ الْأَمَةِ إذَا جَرَحَتْ: إنَّ مَا وَلَدَتْ بَعْدَ الْجُرْحِ فَلَا يَدْخُلُ في جِنَايَتِهَا.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ جَنَتْ جَارِيَةٌ عَلَى رَجُلٍ جِنَايَةً ثُمَّ وَطِئَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ؟
قَالَ: إنْ كَانَ عَلِمَ بِالْجِنَايَةِ - وَكَانَ لَهُ مَالٌ - غَرِمَ قِيمَةَ الْجِنَايَةِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَوْ كَرِهَ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ رِضًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ إلَى أَهْلِ الْجِنَايَةِ وَكَانَ الْوَلَدُ وَلَدَهُ.
وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْجِنَايَةِ رَأَيْتُ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ وَيُتْبَعَ بِقِيمَتِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ أَقَلَّ فيتْبَعَ بِذَلِكَ دَيْنًا.
وَذَلِكَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا هَلَكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، وَتَرَكَ جَارِيَةً وَتَرَكَ ابْنًا، فَوَطِئَ الِابْنُ الْجَارِيَةَ فَحَمَلَتْ مِنْهُ، إنَّهُ كَانَ عَلِمَ بِدَيْنِ أَبِيهِ وَبَادَرَ الْغُرَمَاءَ، رَأَيْتُ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا في مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أُسْلِمَتْ إلَى الْغُرَمَاءِ فَبَاعُوهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِدَيْنِ أَبِيهِ رَأَيْتُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلِابْنِ، وَرَأَيْتُ أَنْ يُتْبَعَ بِقِيمَتِهَا، فَهَذَا مِثْلُ مَسْأَلَتِكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ هَذِهِ الْجَارِيَةَ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، مَتَى تَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا إذَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهَا؟
قَالَ: يَوْمَ حَمَلَتْ.
قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَالَ غَيْرُهُ: لَيْسَ الْجَارِيَةُ إذَا جَنَتْ فَكَانَتْ مُرْتَهِنَةً بِجِنَايَتِهَا لِأَنَّ الْجِنَايَةِ في رَقَبَتِهَا، كَالْجَارِيَةِ الَّتِي هَلَكَ سَيِّدُهَا وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، إذَا وَطِئَهَا السَّيِّدُ وَالْجِنَايَةُ في رَقَبَتِهَا وَلَا عِلْمَ لَهُ وَلَا مَالَ لَهُ، إنَّ الْجِنَايَةَ أَمْلَكُ بِهَا وَتُسَلَّمُ إلَى الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهَا لَوْ بِيعَتْ - وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِالْجِنَايَةِ - فَأَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَوْتًا يُبْطِلُ بِذَلِكَ حَقَّ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ.
وَلَوْ أَنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا وَلَا عِلْمَ لَهُمْ بِأَنَّ عَلَى أَبِيهِمْ دَيْنًا يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ، فَفَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعِتْقٍ أَوْ بِاِتِّخَاذِهَا أُمَّ وَلَدٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ إلَى رَدِّ الْعِتْقِ سَبِيلٌ، وَإِنَّمَا لَهُمْ الثَّمَنُ إنْ وَجَدُوهُ وَإِلَّا اتَّبَعُوا بِهِ مَنْ أَخَذَهُ.

.في الْقِصَاصِ في جِرَاحِ الْعَبْدِ:

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا في الْقِصَاصِ في الْمَمَالِيكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ في الْأَحْرَارِ، نَفْسُ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحُهَا بِجُرْحِهِ.
قَالَ: وَإِقَادَةُ الْعَبِيدِ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ في الْجِرَاحِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ، إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ في مَمْلُوكَيْنِ قَتَلَا مَمْلُوكًا عَمْدًا فَأَرَادَ وَلِيُّ الْمَمْلُوكِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمَا وَلَا يَقْتُلَهُمَا.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: إنْ قَتَلَهُمَا قَوَدًا خُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَتْلِهِمَا، وَإِنْ أَرَادَ اسْتِرْقَاقَهُمَا وَاسْتِحْيَاءَهُمَا فَلَيْسَ لَهُ فيهِمَا إلَّا ثَمَنُ مَا أَصَابَاهُ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ اللَّيْثِ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ يَقُولُ في مِائَةِ عَبْدٍ لِرَجُلٍ وَقَعُوا عَلَى رَجُلٍ آخَرَ فَقَتَلُوهُ جَمِيعًا، فَمِنْهُمْ الْبَاطِشُ وَمِنْهُمْ الْآمِرُ، وَقَدْ قَامَتْ بِذَلِكَ الْبَيِّنَةُ، فَدَفَعُوهُمْ إلَيْهِ لِيَقْتُلَهُمْ فَأَرَادَ اسْتِحْيَاءَهُمْ وَاسْتِرْقَاقَهُمْ قَالَ رَبِيعَةُ: إنْ كَانَ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْيِيَهُمْ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الدِّيَةُ يَسْتَوْفيهَا مِنْهُمْ فَقَطْ، وَإِنْ أَرَادَ قَتَلَهُمْ فَلَهُ دِمَاؤُهُمْ بِمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ مِنْ قَتْلِ صَاحِبِهِمْ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّمَ يُعَلَّقُ بِهِ مَنْ أَصَابَهُ، وَأَنَّ الدِّيَةَ لَا يُعَلَّقُ بِهَا الْمَالُ كُلُّهُ، وَلَا يَكُونُ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ في دَمِ صَاحِبِهِ إلَّا الْعَفْوُ إلَّا دِيَةٌ مَعْلُومَةٌ مُسَمَّاةٌ.
حَدَّثَنَا سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ شِمْرِ بْنِ نُمَيْرٍ يُحَدِّثُ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إذَا جَنَى الْعَبْدُ فَلَيْسَ عَلَى سَيِّدِهِ غُرْمٌ فَوْقَ رَقَبَتِهِ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْتَدِيَهُ افْتَدَاهُ وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُسْلِمَهُ أَسْلَمَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: الْعَبْدُ لَا يَغْرَمُ سَيِّدُهُ فَوْقَ نَفْسِهِ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ دِيَةُ الْمَجْرُوحِ أَكْثَرَ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَلَا زِيَادَةَ لَهُ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ قِصَاصًا في الْعَمْدِ أَنْفُسِهِمَا فَمَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ جِرَاحِهِمَا.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَقَالَ ذَلِكَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ.
ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ في كِتَابٍ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: يُقَادُ الْمَمْلُوكُ مِنْ الْمَمْلُوكِ في كُلِّ عَمْدٍ يَبْلُغُ نَفْسَهُ فَمَا دُونَ ذَلِكَ مِنْ الْجِرَاحِ، فَإِنْ اصْطَلَحُوا فيهِ عَلَى الْعَقْلِ فَقِيمَةُ الْمَقْتُولِ عَلَى أَهْلِ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: يُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْعَبْدِ في الْقَتْلِ عَمْدًا وَيُقَادُ الْعَبْدُ مِنْ الْعَبْدِ في الْجِرَاحِ عَمْدًا، فَإِنْ قَبِلَ الْعَقْلُ مِنْ الْعَبْدِ كَانَ عَقْلُ جِرَاحِ مَمْلُوكِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا في ثَمَنِهِ بِقِيمَةِ عَدْلٍ.
وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَبْدًا عَمْدًا أُقِيدَ مِنْهُ في الْقَتْلِ، فَإِنْ أَرَادَ صَاحِبُهُ أَنْ يَسْتَحْيِيَ الْعَبْدَ أَعْطَى قِيمَةَ عَبْدِهِ الْمَقْتُولِ في ثَمَنِ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ، لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُحِبَّ أَهْلُهُ أَنْ يُسْلِمُوهُ بِجَرِيرَتِهِ وَأَهْلُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ أَمْلَكُ بِأَنْ يَفْتَدُوهُ بِعَقْلِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوْ يُسْلِمُوا الْعَبْدَ الْقَاتِلَ بِجَرِيرَتِهِ إنْ شَاءُوا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ في عَبْدٍ قَتَلَ عَبْدًا عَمْدًا: إنَّهُ يُسْلِمُ الْقَاتِلَ إلَى سَيِّدِ الْمَقْتُولِ فيقْتُلُهُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ فيكُونَ عَبْدًا لَهُ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُ إلَّا عَنْ طِيبِ نَفْسِ سَيِّدِهِ.

.في عَبْدَيْ الرَّجُلِ يَجْرَحُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ أَوْ يَقْتُلُهُ:

قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ في الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْعَبْدَانِ فيجْرَحُ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فيرِيدُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ عَبْدِهِ لِعَبْدِهِ.
قَالَ مَالِكٌ ذَلِكَ لَهُ، وَلَكِنْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ.
قَالَ: وَلَمْ أَسْمَعْ مَالِكًا يُجِيزُ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ عِنْدَ غَيْرِ السُّلْطَانِ إلَّا السَّيِّدَ في أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ إنْ زَنَيَا أَوْ شَرِبَا خَمْرًا، فَإِنْ سَرَقَا لَمْ يَقْطَعْهُمَا إلَّا السُّلْطَانُ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ: وَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَكُونُ لَهُ الْعَبْدَانِ، فيقْتُلُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، أَلَهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ لَا يَقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ حَتَّى تَثْبُتَ الْبَيِّنَةُ، وَأَنَّ الْقَاتِلَ لَيْسَ يُقْتَلُ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَقْطَعُ إلَّا السُّلْطَانُ.
قُلْت: فَإِنْ قَطَعَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ في سَرِقَةٍ دُونَ السُّلْطَانِ، أَتُعْتِقُهُ عَلَيْهِ وَتَرَاهُ مِثْلَهُ؟
قَالَ: لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، لِأَنَّ بَعْضَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَعْضَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ قَطَعُوا دُونَ السُّلْطَانِ، فَلَا يُعْتَقُ الْعَبْدُ وَإِنْ قَطَعَ دُونَ السُّلْطَانِ.
وَإِنَّمَا زُجِرَ النَّاسُ عَنْ ذَلِكَ لِئَلَّا يُمَثِّلَ أَحَدٌ بِعَبْدِهِ، فيدَّعِيَ السَّرِقَةَ فيجْتَرِئَ النَّاسُ مِنْ هَذَا عَلَى شَيْءٍ عَظِيمٍ، فَأَرَى أَنْ يُعَاقَبَ عُقُوبَةً مُوجِعَةً إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهَالَةٍ.
قَالَ: وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَقْتُلُ وَلِيَّهُ عَمْدًا فيعْدُو عَلَى قَاتِلِهِ فيقْتُلُهُ.
قَالَ: إنْ كَانَ هُوَ الَّذِي لَهُ الْعَفْوُ إنْ عَفَا أَوْ الْقَتْلُ إنْ أَحَبَّ أَنْ يَقْتُلَ، فَلَا أَرَى عَلَيْهِ شَيْئًا.
وَأَرَى لِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّبَهُ لِئَلَّا يَجْتَرِئَ النَّاسُ عَلَى الْقَتْلِ فَالْقَطْعُ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.

.في الْعَبْدِ يَقْتُلُهُ الْعَبْدُ أَوْ الْحُرُّ:

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي أَنَّ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ كَانَ يَقْضِي في الْعَبْدِ يُصَابُ بِالْجِرَاحِ أَنَّ عَلَى الَّذِي أَصَابَهُ قَدْرُ مَا نَقَصَ مِنْهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ وَيُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ: تُقَامُ سِلْعَةٌ مِنْ السِّلَعِ ثُمَّ عَقْلُهُ في ثَمَنِهِ يَوْمَ يُصَابُ إنْ قُتِلَ أَوْ جُرِحَ، وَبَعْضُهُمْ يَزِيدُ عَلَى بَعْضٍ في الْحَدِيثِ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ قُسَيْطٍ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ وَيُونُسَ عَنْ رَبِيعَةُ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ ابْنِ لَهِيعَةَ عَنْ بُكَيْرٍ الْأَشَجِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: وَالْمَتَاعُ مِثْلُهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ عُمَارَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ مِثْلُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ شَبِيبِ بْنِ سَعِيدٍ التَّمِيمِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: الرَّقِيقُ مَالٌ قِيمَتُهُ بَالِغَةٌ مَا بَلَغَتْ في نَفْسِهِ وَجِرَاحِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ ابْنُ غَنْمٍ فَقُلْت لِمُعَاذٍ: إنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: لَا تُجَاوِزْ دِيَةَ الْحُرِّ.
فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إنْ قَتَلَ فَرَسَهُ كَانَتْ قِيمَتُهُ، إنَّمَا غُلَامُهُ مَالٌ فَهُوَ لَهُ قِيمَتُهُ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قِيمَتُهُ مَا بَلَغَتْ إنَّمَا هُوَ مَالٌ وَإِنْ بَلَغَتْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ: يُرَدُّ عَلَى السَّيِّدِ وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِينَارِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَشُرَيْحٍ في دِيَةِ الْعَبْدِ ثَمَنَهُ وَإِنْ خَلَفَ دِيَةَ الْحُرِّ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا قَالَا: إذَا شُجَّ الْعَبْدُ مُوضِحَةً فَلَهُ نِصْفُ عُشْرِ ثَمَنِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ: وَبَلَغَنِي عَنْ اللَّيْثِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ في مُوضِحَةِ الْعَبْدِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ.
ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ مَالِكٌ: وَالْجَائِفَةُ وَالْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْمُوضِحَةُ في ثَمَنِ الْعَبْدِ بِمَنْزِلَتِهِنَّ في دِيَةِ الْحُرِّ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: وَجِرَاحُ الْعَبْدِ قِيمَتُهُ يُقَامُ صَحِيحًا ثُمَّ يُقَامُ مَجْرُوحًا ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى مَا بَيْنَ ذَلِكَ فيغْرَمُهُ الْجَارِحُ، لَا نَعْلَمُ شَيْئًا أَعْدَلَ مِنْ ذَلِكَ.
وَذَلِكَ مِنْ أَجَلِ أَنَّ الْيَدَ مِنْ الْعَبْدِ وَالرِّجْلَ إذَا قُطِعَتَا تَدْخُلُ مُصِيبَتُهُمَا بِأَعْظَمَ مِنْ نِصْفِ ثَمَنِهِ، ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ بَعْدُ ثَمَنٌ.
وَإِنَّ أُذُنَهُ تَدْخُلُ مُصِيبَتُهَا بِأَدْنَى مِنْ نِصْفِ ثَمَنِهِ إذَا كَانَ غُلَامًا يَنْسِجُ الدِّيبَاجَ أَوْ الطِّرَازَ وَكَانَ عَامِلًا لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَرْتَفِعُ بِهِ ثَمَنُهُ، فَإِذَا أُقِيمَتْ الْمُصِيبَةُ مَا بَلَغَتْ فَلَمْ يُظْلَمْ السَّيِّدُ، وَلَمْ يُظْلَمْ الْجَانِي لَهُ، إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُصِيبَةُ قَلِيلًا فَقَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَتْ كَثِيرًا فَكَثِيرٌ، لِأَنَّ مُوضِحَةَ الْعَبْدِ وَمُنَقِّلَتَهُ وَمَأْمُومَتَهُ وَجَائِفَتَهُ لَا بُدَّ لَهُنَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فيهِنَّ شَيْءٌ، فَإِنْ أُخِذْنَ بِالْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ قِيمَةٌ لِأَنَّهُنَّ لَا يَرْجِعْنَ بِمُصِيبَةٍ، وَلَا يَكُونُ فيهِنَّ عَيْبٌ وَلَا نَقْصٌ إلَّا مَا ذُكِرَ لَهُ وَلَهُمَا مَوْضِعٌ مِنْ الرَّأْسِ وَالدِّمَاغِ.
فَرُبَّمَا أَفْضَى مِنْ الْعَظْمِ مِنْهُ إلَى النَّفْسِ فيرَى أَنْ يُجْعَلَ في ثَمَنِهِ عَلَى مِثْلِ حِسَابِهِ مِنْ عَقْلِ الْحُرِّ.
ابْنُ وَهْبٍ: وَقَالَ يُونُسُ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا شَجَّ الْحُرُّ الْعَبْدَ مُوضِحَةً، فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ الْجَارِحِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ يُصَابُ.

.في الْعَبْدِ يُجْرَحُ أَوْ يُقْذَفُ فيقِرُّ سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ عَبْدًا جَرَحَهُ رَجُلٌ أَوْ قَذَفَهُ فيقِرُّ سَيِّدُهُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ عَامَ الْأَوَّلِ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ أَوْ قَبْلَ الْقَذْفِ؟
قَالَ: لَا يُصَدَّقُ عَلَى الْجِرَاحِ وَلَا عَلَى الْقَذْفِ - عِنْدَ مَالِكٍ - وَيَكُونُ جُرْحُهُ جُرْحَ عَبْدٍ وَتَكُونُ دِيَةُ الْجُرْحِ لِلْعَبْدِ، لِأَنَّ السَّيِّدَ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فيهِ.
قُلْت: فَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى أَنَّهُ أَعْتَقَهُ الْعَامَ الْأَوَّلَ وَالسَّيِّدُ جَاحِدٌ، وَقَدْ جُرِحَ الْعَبْدُ أَوْ قُذِفَ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: في الْعَبْدِ يُجْرَحُ أَوْ يُقْذَفُ فَتَقُومُ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّ سَيِّدَهُ قَدْ كَانَ أَعْتَقَهُ قَبْلَ الْجِرَاحَةِ وَقَبْلَ الْقَذْفِ، أَنَّ دِيَةَ جِرَاحَاتِهِ دِيَةُ حُرٍّ، وَحَدُّ قَذْفِهِ ذَلِكَ حَدُّ قَذْفِ الْحُرِّ.
قُلْت: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ جَاحِدًا لِلْعِتْقِ؟
قَالَ: إنَّمَا سَمِعْتُ مِنْ مَالِكٍ مَا أَخْبَرْتُكَ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ جَاحِدًا أَوْ غَيْرَ جَاحِدٍ، وَأَرَى أَنْ لَا يُلْتَفَتَ إلَى جُحُودِ السَّيِّدِ هَاهُنَا وَلَا إلَى إقْرَارِهِ، وَكُلُّ ذَلِكَ عِنْدَنَا سَوَاءٌ.

.في السَّيِّدِ يَعْتِقُ عَبْدَهُ ثُمَّ يَكْتُمُهُ ذَلِكَ حَتَّى يَسْتَغِلَّهُ وَيَخْدُمَهُ ثُمَّ يُقِرُّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ تَقُومُ لَهُ بَيِّنَةٌ وَهُوَ جَاحِدٌ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ عَبْدًا لَهُ فَجَحَدَهُ الْعِتْقَ فَاسْتَغَلَّهُ أَوْ اسْتَخْدَمَهُ، أَوْ كَانَتْ جَارِيَةً فَوَطِئَهَا ثُمَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ زَمَانٍ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ، مَا الْقَوْلُ في ذَلِكَ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الَّذِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَهُوَ جَاحِدٌ فَلَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ في الَّذِي يَجْحَدُ.
وَقَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ اشْتَرَى جَارِيَةً وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَطِئَهَا، إنَّهُ إنَّ أَقَرَّ بِذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ وَطِئَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِحُرِّيَّتِهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ.
فَمَسْأَلَتُكَ مِثْلُ هَذِهِ أَقَرَّ وَأَقَامَ عَلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ وَلَمْ يَنْزِعْ، فَإِنَّ الْحَدَّ يُقَامُ عَلَيْهِ، وَالْعِلَّةُ مَرْدُودَةٌ عَلَى الْعَبْدِ وَلَهُ عَلَيْهِ قِيمَةُ خِدْمَتِهِ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ الصَّدَاقَ، هَلْ يَجِبُ لَهَا عَلَيْهِ مَعَ الْحَدِّ إذَا أَقَمْتُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِحُرِّيَّتِهَا؟
قَالَ: نَعَمْ، يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ.
لَهَا مِثْلُ مَا قَالَ مَالِكٌ في الْمُغْتَصَبَةِ، لِأَنَّ الْمُغْتَصَبَةَ عَلَيْهِ لَهَا الصَّدَاقُ مَعَ الْحَدِّ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ السَّيِّدُ نَفْسُهُ هُوَ الَّذِي جَرَحَهُ أَوْ قَذَفَهُ، فَقَامَتْ عَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ قَذْفِهِ إيَّاهُ أَوْ قَبْلَ جِرَاحِهِ إيَّاهُ وَالسَّيِّدُ جَاحِدٌ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ شَيْئًا في جِرَاحَةِ السَّيِّدِ وَقَذْفِهِ إيَّاهُ، وَلَكِنَّ مَالِكًا قَالَ في الْجِرَاحِ إذَا اسْتَغَلَّهُ فَقَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَغِلَّهُ، إنَّ الْغَلَّةَ لِلسَّيِّدِ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ إذَا وَطِئَ هَذِهِ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِعِتْقِهَا وَهُوَ جَاحِدٌ لِعِتْقِهَا، أَوْ شَهِدُوا أَنَّهُ وَطِئَهَا بَعْدَ عِتْقِهِ إيَّاهَا وَهُوَ جَاحِدٌ لِلْعِتْقِ، أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ في هَذَا، إنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ في قَذْفِهِ، وَلَا دِيَةَ لَهُ في الْجِرَاحِ.
قَالَ: وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلِ حَلَفَ بِعِتْقِ عَبْدٍ لَهُ في سَفَرٍ مِنْ الْأَسْفَارِ وَمَعَهُ قَوْمٌ عُدُولٌ عَلَى شَيْءٍ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَفَعَلَهُ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بِعَبْدِهِ ذَلِكَ، وَتَخَلَّفَ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فَحَنِثَ في عَبْدِهِ ثُمَّ هَلَكَ، وَقَدْ اسْتَغَلَّ عَبْدَهُ بَعْدَ الْحِنْثِ وَكَاتَبَهُ وَرَثَتُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِحِنْثِ صَاحِبِهِمْ، فَأَدَّى نُجُومًا مَنْ كِتَابَتِهِ ثُمَّ قَدِمَ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوا بِاَلَّذِي كَانَ مِنْ فِعْلِ الرَّجُلِ مِنْ الْيَمِينِ وَأَنَّهُ حَنَثَ.
فَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَى الْقَاضِي، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ مَالِكٌ عَنْ عِتْقِ الْعَبْدِ وَعَمًّا اسْتَغَلَّهُ سَيِّدُهُ وَعَمًّا أَدَّى وَرَثَتَهُ مِنْ كِتَابَتِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَمَّا عِتْقُهُ فَأُمْضِيهِ، وَأَمَّا مَا اسْتَغَلَّهُ سَيِّدُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ مِنْ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى وَرَثَةِ سَيِّدِهِ أَيْضًا مِمَّا أَخَذُوا مِنْهُ، وَإِنَّمَا ثَبَتَ عِتْقُهُ الْيَوْمَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ مَا قُلْت لَكَ في مَسْأَلَتِكَ في الَّذِي يَطَأُ جَارِيَتَهُ أَوْ يَقْذِفَ عَبْدَهُ أَوْ يَجْرَحُهُ ثُمَّ تَقُومُ عَلَى السَّيِّدِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهُوَ جَاحِدٌ، إنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ إذَا كَانَ السَّيِّدُ هُوَ الْجَارِحَ أَوْ هُوَ الْقَاذِفَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ في الْوَطْءِ لَا حَدَّ وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ.
قُلْت: فَمَا فَرْقُ - هَاهُنَا - مَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا جَحَدَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حُرًّا وَقَدْ شُهِدَ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ، فَإِنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ فيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ حُرًّا في فِعْلِهِ بِهِ يَوْمَ شَهِدَ لَهُ وَفيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ هُوَ حُرٌّ يَوْمَ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ لَيْسَ مِنْ يَوْمِ شَهِدَ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ.
أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ إنْ شَهِدُوا عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا، وَقَدْ جُرِحَتْ أَوْ قُذِفَتْ بَعْدَ عِتْقِهَا، أَوْ شَهِدَتْ كَانَ حَالُهَا حَالَ حُرَّةٍ في الْحُدُودِ وَالْقَذْفِ وَفي أُمُورِهَا كُلِّهَا؟ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.
وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الرُّوَاةِ: إنَّ سَيِّدَهُ وَالْأَجْنَبِيَّيْنِ سَوَاءٌ، وَإِنَّهُ يُقَادُ مِنْ السَّيِّدِ في الْجِرَاحِ وَفي الْقَذْفِ وَيَغْرَمُ الْغَلَّةَ وَقِيمَةَ الْخِدْمَةِ.
قَالَ سَحْنُونٌ: هَذَا الَّذِي بِهِ نَقُولُ.

.في جِنَايَةِ الْعَبْدِ في رَقَبَتِهِ أَوْ ذِمَّتِهِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا غَصَبَ حُرَّةً نَفْسَهَا، أَتَجْعَلُ الصَّدَاقَ في رَقَبَتِهِ أَمْ في ذِمَّتِهِ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا غَصَبَ الْعَبْدُ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ غَصَبَهُنَّ أَنْفُسَهُنَّ، إنَّ ذَلِكَ في رَقَبَةِ الْعَبْدِ في الْإِمَاءِ مَا نَقَصَهُنَّ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، وَفي الْحَرَائِرِ صَدَاقُ مِثْلِهِنَّ، يُقَالُ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْ الْعَبْدَ أَوْ افْدِهِ بِصَدَاقِ مِثْلِهَا أَوْ بِمَا نَقَصَ الْأَمَةَ، يَفْدِيهِ بِجَمِيعِ ذَلِكَ أَوْ يُسْلِمُهُ.
قُلْت: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ بَاعَ عَبْدًا سَارِقًا كَتَمَهُ ذَلِكَ، فَسَرَقَ مَنْ الْمُشْتَرِي الَّذِي ابْتَاعَهُ، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ أَمْ في رَقَبَتِهِ إذَا رَدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ بِالْعَيْبِ؟
قَالَ: يَكُونُ في ذِمَّةِ الْعَبْدِ إنْ عَتَقَ يَوْمًا مَا، لِأَنَّهُ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ في الدُّخُولِ في بَيْتِ الْمُشْتَرِي، وَكَانَ مُؤْتَمَنًا عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: إنَّ ذَلِكَ في ذِمَّتِهِ.
قُلْت: فَإِنْ كَانَتْ سَرِقَتُهُ إنَّمَا سَرَقَهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، سَرِقَةً لَا قَطَعَ فيهَا.
كَانَ لِهَذَا الْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ الْبَائِعِ ادْفَعْ أَوْ افْدِ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ؟
قَالَ: نَعَمْ، وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ.
قَالَ: وَلَا تُشْبِهُ سَرِقَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي سَرِقَةً مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، لِأَنَّ سَرِقَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا قَطَعَ عَلَيْهِ فيهَا، وَسَرِقَتُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ عَلَيْهِ فيهَا الْقَطْعُ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مَا حَدَثَ مِنْ الْعُيُوبِ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْبِ الَّذِي دَلَّسَ لَهُ بِهِ، وَهَذَا الْآخَرُ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ سَحْنُونٌ: كُلُّ مَا وَقَعَتْ فيهِ الدِّيَةُ فَدُرِئَ الْقَطْعُ عَنْ الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، فَمَا سَرَقَ الْحُرُّ فَفي ذِمَّتِهِ، وَمَا سَرَقَ الْعَبْدُ فَفي رَقَبَتِهِ، وَمَا سَرَقَ هَذَا الْعَبْدُ الْمُدَلِّسُ لَهُ مِنْ سَيِّدِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهِ فَهُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ في رَقَبَتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنَايَةِ.
فَإِذَا لَزِمَ الْقَطْعُ لَمْ يَكُنْ مَا سَرَقَ الْحُرُّ في ذِمَّتِهِ، وَمَا سَرَقَ الْعَبْدُ في رَقَبَتِهِ، وَمَا أَصَابَهُ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَا سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ سَيِّدِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ فيهِ شَيْءٌ يُتْبَعُ بِهِ عَتَقَ أَوْ وَرُقَّ - قَلَّ مَا سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ - قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَجْنِي جِنَايَةً: إنَّ مَالَهُ وَرَقَبَتَهُ في جِنَايَتِهِ، وَيُقَالُ لِلسَّيِّدِ: ادْفَعْهُ وَمَالَهُ أَوْ افْدِهِ بِعَقْلِ جَمِيعِ جِنَايَتِهِ.
فَقِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟
قَالَ: دَيْنُهُ أَوْلَى بِمَالِهِ وَجِنَايَتُهُ في رَقَبَتِهِ.
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ في الْعَبْدِ يَجُرُّ الْجَرِيرَةَ، وَلَهُ مَالٌ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ: إنَّ مَالَهُ في دَيْنِهِ وَجَرِيرَتَهُ في رَقَبَتِهِ يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ في الَّذِي يَقَعُ عَلَى الصَّبِيَّةِ فيفْتَضُّهَا وَلَعَلَّهٌ حُرٌّ أَوْ مَمْلُوكٌ.
قَالَ رَبِيعَةُ: إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ مَمْلُوكًا فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ الْحُرُّ مُحْصَنًا فَأَرْجُمُهُ، وَإِنْ كَانَ بِكْرًا فَعَلَيْهِ مَعَ الْحَدِّ الْعِوَضُ لَهَا مِمَّا أَصَابَهَا بِهِ بِقَدْرِ رَأْيِ السُّلْطَانِ فيمَا أَفْسَدَ مِنْ كَفَاءَتِهَا وَمَوْضِعِهَا لِمَنْ أَرَادَهَا، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَهُوَ بِعَيْنِهِ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ خَطَرُهَا فيمَا أَصَابَ مِنْهَا أَيْسَرَ مِنْ أَنْ يُحِيطَ بِرَقَبَتِهِ، فيبَاعَ بِغَيْرِ أَرْضِهَا وَتُعْطَى مِنْ الثَّمَنِ عِوَضَ مَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ لَهَا، وَيُرَدَّ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ فَضْلٌ إنْ فَضَلَ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَكَانَ الْحَدُّ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، لِأَنَّهُمَا أَصَابَا مُحَرَّمًا، وَعَلَى مَنْ أَصَابَهُ مِنْ كَبِيرَةٍ أَوْ صَغِيرَةٍ الْحَدُّ، وَكَانَ الْعِوَضُ لَهَا بِمَا اسْتَحَلَّا مِنْ حُرْمَتِهَا، وَلِمَا أَدْخَلَا مِنْ الشَّيْنِ عَلَيْهَا.
ابْنُ وَهْبٍ: عَنْ عَمِيرَةَ بْنِ أَبِي نَاجِيَةَ وَغَيْرِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَتَى بِعَبْدٍ افْتَضَّ جَارِيَةً وَهِيَ كَارِهَةٌ، فَجَلَدَهُ عُمَرُ ثُمَّ بَاعَهُ بِأَرْضٍ غَيْرِ أَرْضِ الْمَرْأَةِ وَأُعْطِيَتْ الْمَرْأَةُ ثَمَنَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَاللَّيْثُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فيمَنْ اسْتَكْرَهَ امْرَأَةً بِكْرًا بِالْغُرْمِ الْحَدَّ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا فَكَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَدَاهُ أَهْلُهُ إنْ أَحَبُّوا، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا الْعَبْدُ.
قَالَ ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ: قَالَ أَبُو الزِّنَادِ في عَبْدٍ افْتَضَّ أَمَةً فَذَهَبَ بِعُذْرَتِهَا.
قَالَ: يَغْرَمُ لِأَهْلِهَا مَا بَيْنَ ثَمَنِهَا ثَيِّبًا.

.في إقْرَارِ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْجِنَايَةِ:

قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ غَصَبَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ نَفْسَهَا فَجَامَعَهَا وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ حُرَّةٌ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِ الْعَبْدِ، أَيُصَدَّقُ الْعَبْدُ أَمْ لَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَا يُصَدَّقُ الْعَبْدُ إلَّا أَنْ تُؤْتَى وَهِيَ مُسْتَغِيثَةٌ أَوْ مُتَعَلِّقَةٌ بِهِ، وَهِيَ تُدْمِي إنْ كَانَتْ بِكْرًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أُدْرِكَتْ وَهِيَ تَسْتَغِيثُ مُتَعَلِّقَةً بِهِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ إنْ زَعَمَ أَنَّهُ غَصَبَهَا؛ لِأَنِّي سَمِعْتُ مَالِكًا وَسُئِلَ عَنْ عَبْدٍ أُتِيَ بِهِ وَقَدْ قَطَعَ أُصْبُعَ صَبِيٍّ مِنْ رِجْلِهِ، وَأُصْبُعُ الصَّبِيِّ تُدْمِي فَأُدْرِكَ الصَّبِيُّ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَأَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ وَطِئَ أُصْبُعَهُ.
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا مَا كَانَ مِثْلَ هَذَا إذَا أُدْرِكَ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْحَالِ، وَأُصْبُعُ الصَّبِيِّ تُدْمِي بِحَدَثَانِ مَا قُطِعَتْ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَإِنِّي أَرَى أَنْ يُقْبَلَ إقْرَارُهُ وَيَكُونَ ذَلِكَ في رَقَبَتِهِ يُسْلِمُهُ سَيِّدَهُ أَوْ يَفْتَكَّهُ بِالْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ إلَى شَيْءٍ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ في الْوَطْءِ إنْ أَقَرَّ عَلَى مِثْلِ مَا وَصَفْتُ لَكَ.
قَالَ مَالِكٌ: وَمَا كَانَ عَلَى غَيْرِ هَذَا مِمَّا يُقِرُّ الْعَبْدُ أَنَّهُ فَعَلَهُ مِمَّا يَكُونُ في رَقَبَتِهِ، وَلَا يَدْرِي أَحَقٌّ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَمْ يَكُنْ عَلَى مِثْلِ مَا وَصَفْتُ لَكَ، فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ.
قُلْت: فَإِنْ أُعْتِقَ الْعَبْدَ يَوْمًا مَا وَكَانَ إقْرَارُهُ إقْرَارًا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَالِ مَا وَصَفْت لِي مِنْ تَعَلُّقِهَا بِهِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَى الْعَبْدِ إنْ أُعْتِقَ يَوْمًا مَا في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فيهِ شَيْئًا، وَلَا أَرَى أَنْ يَكُونَ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الْوَطْءِ إنْ عَتَقَ.
وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ في رَجُلٍ حُرٍّ أَقَرَّ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً: إنَّ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَلَا يَكُونُ في مَالِهِ خَاصَّةً مَعَ قَسَامَةِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ مِمَّنْ لَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ غِنَى وَلَدِ الْمَقْتُولِ، فَإِنْ كَانَ أَرَادَ غِنَى وَلَدِ الْمَقْتُولِ لِصَدَاقَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِقَرَابَةٍ بَيْنَهُمَا وَهُوَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ غِنَاهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ شَيْءٌ وَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِهِ شَيْءٌ.
فَهَذَا يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ الْعَبْدَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ إقْرَارِهِ بِالْجِنَايَةِ إذَا هِيَ لَمْ تَلْزَمْ السَّيِّدَ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ إنْ أَبَتْ الْوَرَثَةُ أَنْ تُقْسِمَ مَعَ إقْرَارِي، أَيَبْطُلُ إقْرَارِي وَلَا يَلْزَمُ عَاقِلَتِي مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ في قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي فَسَّرْتُ لَكَ مِمَّا لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ مِنْ إقْرَارِهِ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا، إنَّمَا ذَلِكَ فيمَا غَصَبَ مِنْ النِّسَاءِ فَوَطِئَهُنَّ أَوْ جَرَحَ أَوْ قَتَلَ خَطَأً، أَقَرَّ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَكُنْ بِحَالِ مَا وَصَفْتُ لَكَ مِنْ التَّعَلُّقِ بِالْعَبْدِ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ.
فَإِنَّ هَذَا لَا يَكُونُ عَلَيْهِ شَيْءٌ إنْ عَتَقَ يَوْمًا أَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ، وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِسَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فيهَا، لَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ إنَّهُ لَا يَصَدَّقُ عَلَى سَيِّدِهِ.
وَإِنْ أُعْتِقَ يَوْمًا مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ وَلَمْ يُتْبَعْ مِنْهُ بَعْدَ الْعِتْقِ بِشَيْءٍ.
وَأَصْلُ هَذَا كُلِّهِ أَنْ يُنْظَرَ إلَى كُلِّ مَا يَلْزَمُ رَقَبَتَهُ مِنْ فِعْلِهِ، فَإِذَا هُوَ أَقَرَّ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَلَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ، فَإِنَّهُ لَا يُتْبَعُ مِنْ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَقَرَّ بِمَا كَانَ يَلْزَمُ السَّيِّدَ، فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَلَيْهِ ثَبَتَ عَلَى السَّيِّدِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ شَيْءٌ.
قُلْت: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ عَبْدًا أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ وَلِيَّ رَجُلٍ عَمْدًا، فَقَالَ الَّذِي لَهُ الدَّمُ: أَنَا أَعْفُو عَنْ هَذَا الْعَبْدِ وَأَسْتَحْيِيهِ؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ، إنَّمَا لَهُ أَنْ يَقْتُلَ.
فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنَّهُ يَسْتَحْيِيهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْ رَقَبَةِ الْعَبْدِ شَيْءٌ، وَكَذَلِكَ بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ.
قُلْت: وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: إذَا كُنْتُمْ لَا تُجِيزُونَ لِي هَذَا فَأَنَا عَلَى حَقِّي أَقْتُلُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُظَنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ.
وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ يَقْتُلُ الْحُرَّ فيعْفُو وَلِيُّهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الدِّيَةَ، فيأْبَى أَنْ يُعْطِيَهُ الدِّيَةَ فيكُونُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.
قُلْت: فَإِنْ أَقَرَّ بِسَرِقَةٍ، فَقَالَ الْمَسْرُوقُ مِنْهُ: أَنَا أَعْفُو عَنْ قَطْعِ يَدِهِ وَلَا أَرْفَعُهُ إلَى السُّلْطَانِ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ الَّتِي أَقَرَّ لِي بِهَا؟
قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.
يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ: عَنْ أَبِي الزِّنَادِ أَنَّهُ قَالَ في اعْتِرَافِ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْقَتْلِ: إنْ كَانَ اُسْتُرْهِبَ أَوْ اُمْتُحِنَ فَكَانَ اعْتِرَافُهُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّا لَا نَرَى عَلَيْهِ في ذَلِكَ قَتْلًا وَلَا قَطْعًا.
وَأَمَّا مَا اعْتَرَفَ بِهِ طَائِعًا غَيْرَ مُخَوَّفٍ وَلَا مُسْتَرْهَبٍ، فَاعْتَرَفَ أَنَّهُ أَتَى ذَلِكَ عَمْدًا فَإِنَّهُ تُقْطَعُ يَدُهُ بِسَرِقَتِهِ، وَيُقْتَلُ بِمِنْ قَتَلَ إنْ كَانَ قَتَلَ عَمْدًا، وَإِنْ قَالَ قَتَلْتُهُ خَطَأً فَإِنَّا لَا نَرَى أَنْ يُصَدَّقَ ذَلِكَ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ رَبِيعَةُ: كُلُّ مُعْتَرِفٍ لَا يُرَى مِنْهُ مَا يُصَدَّقُ بِهِ اعْتِرَافُهُ فَهُوَ مَوْقُوفٌ، يُسْتَأْنَى بِهِ حَتَّى يُنْظَرَ في اعْتِرَافِهِ، ثُمَّ لَا يُؤْخَذُ بِشُبْهَةٍ وَلَا يُتْرَكُ بَعْدَ يَقِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَمًا أَوْ جُرْحًا يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الدَّمِ مَعَ الِاعْتِرَافِ بِأَيْمَانِهِمْ أَوْ صَاحِبُ الْجُرْحِ بِيَمِينِهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ الدَّمُ وَالْجُرْحُ فيمَا يُدَّعَى عِنْدَ الْعَبْدِ كَالسَّرِقَةِ.
قَالَ يُونُسُ: وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ في الْمَمْلُوكِ أَوْ الْمُكَاتَبِ يَعْتَرِفُ عَلَى نَفْسِهِ بِقَتْلِ عَمْدٍ.
قَالَ: إنْ جَاءَ بِأَمْرٍ بَيِّنٍ يُعْلِمُ أَنَّهُ قَدْ صَدَقَ أُخِذَ بِذَلِكَ وَأُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَ اعْتَرَفَ عَنْ امْتِحَانٍ امْتَحَنَهُ أَوْ تَفْرِيقٍ فَرَّقَهُ أَوْ أَمْرٍ زَلَّ بِهِ لِسَانُهُ لَمْ يُؤْخَذْ في أَمْرِ ذَلِكَ بِشَيْءٍ، حَتَّى يَتَبَيَّنَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُؤْخَذْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَمَا اعْتَرَفَ في ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا يَغْرَمُ أَهْلُهُ فيهِ فَهُوَ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ.
قَالَ: وَالسَّرِقَةُ مِثْلُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَا قَالَ حَقًّا، فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَاعْتَرَفَ بِهِ عَلَى مَا وَصَفْتُ لَكَ فيؤْخَذُ بِذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ قَالَ: سَمِعْتُ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ عِلْمٍ يَقُولُونَ: مَضَتْ السُّنَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اعْتِرَافُ الْمَمْلُوكِ عَلَى نَفْسِهِ بِشَيْءٍ إذَا أَدْخَلَ عَلَى سَيِّدِهِ غُرْمًا حَتَّى تَقُومَ بَيِّنَةٌ مَعَ قَوْلِهِ إلَّا الْحَدَّ، يَلْفِظُهُ ثُمَّ يُقِرُّ بِهِ، فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِهِ وَيُقَامُ عَلَيْهِ.
وَاعْتِرَافُهُ بِالشَّيْءِ يُعَاقَبُ بِهِ في جَسَدِهِ مِنْ قَوَدٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ قَتْلٍ في قَوْلِ مَالِكٍ.